أيها السيدات والسادة كل باسمه وجميل وسمه السلام عليكم وبعد:
أود في البداية أن اشكر أخي الوزير الأول” احمد محمد أغ هماني” علي دعوته لي لحضور هذا اللقاء المهم ومن خلاله أشكر المسؤولين في المعهد.
لقد اخترت ، بعد العرض الرائع الذي قدمه هو أن أحدثكم عن دور النساء في ترسيخ ثقافة السلم واللا عنف لأعطي مبررا لوجودي ضمن هذا الجمع الكريم من الرجال .
إن ثقافة السلم،حسب تعريف الأمم المتحدة، هي جملة من القيم والمواقف وأنواع من السلوك وطرق الحياة تنبذ العنف و تقي من النزاعات وتقضي علي جذورها .
ونتذكر جميعا أن سنة 2000، التي تم إعلانها سنة دولية للسلام، قد كانت بداية حراك عالمي من أجل إشاعة ثقافة السلم. لقد كان ذلك مناسبة لقيام تحالف كبير جمع إلي جانب الحركات التي كانت موجودة إفرادا ملتزمين بهذه القضية مثل ” الفائزين بجائزة نوبل ” .وبعد ذلك جاءت العشرية الدولية لترقية “ثقافة السلم واللا عنف “لدي أطفال العالم.
إن تقلين الأطفال ثقافة السلم واللا عنف هو تعليمهم كيف يعيشون معا بصفة سلمية ويسوون خلافاتهم دون استخدام العنف.
ويعتبر ذلك أيضا دعوة للدول إلي العمل علي نشر ثقافة السلم واللا عنف علي جميع مستويات المجتمع بما في ذلك مؤسسات التعليم .ذلك أن ثقافة السلم واللا عنف في مواجهة النزاعات تمثل مكونة جوهرية في كل تنمية مستدامة .إذ يجب علينا كما يقول “مارتن كوثر كينغ” أن نتعلم العيش معا كأخوة أشقاء وإلا فسنهلك جميعا كزمرة من الأشرار”
فثقافة السلم واللا عنف تنمي لدي الفرد احترام حياة وكرامة كل كائن بشري دون وجود حكم مسبق أو تمييز.
ولكي نتطرق إلي دور النساء ،يمكن أن نقول إن النساء رغم اختلاف السياقات الجغرافية والثقافية بين الدول العربية والإفريقية ، يوجد لديهن اتجاه عالمي من أجل المساهمة في سيادة السلم وتسوية النزاعات .فالمرأة مثلا تعتبر في كثير من المجتمعات الشخص الأكثر قدرة في الأسرة علي تلقين الأطفال وبالتالي أجيال المستقبل جميع القيم الثقافية وذلك عبر القصص والحكايات والأغاني والرقصات الشعبية .وتؤدي النساء أدوار الوساطة في حالات النزاع بتسهيل الاتصال لقيام الحوار والمفاوضات .وأخيرا تقبل النساء أن تشكلن قنطرة بين جماعتين متعاديتين أو المتحاربتين وذلك عبر الزيجات المشتركة بينهما حيث تقبل ا لفتاة من هذه الجماعة الزواج من فتي من تلك الجماعة المتخاصمة معها كعربون لقيام تحالف سلمي من أجل المصالحة .وتعتبر النساء في هذه الحالات من بناة السلام وبذلك يضربن المثل الحسن ويعتبرن مرجعية في الوسط التقليدي.
وتجد هذه الأعراف دعما في الدور الاجتماعي للمرأة باعتبارها أما وزوجة تعتني بالآخرين وتؤدي وظيفة الحكم في النزاعات من أجل استتباب السلم داخل الأسرة والجماعة.
ولكن رغم ما لهؤلاء النساء من تجارب غنية وخبرات مكتسبة في الغالب عن طريق الممارسة العفوية ،فهن مع الأسف يعانين اليوم حالة من التهميش والإهمال،
فحظ النساء في كثير من مجتمعاتنا عند نهاية المعارك والنزاعات ،رغم مشاركتهن الفعالة في وقف المواجهات ،هو الإقصاء والتهميش سواء علي مستوي المفاوضات الرسمية من اجل السلام أو علي مستوي إعادة البناء رغم اهتمامهن أيضا بالوقاية من قيام النزاعات.
أن هؤلاء النساء يتطلعن إلي تعزيز قدرات سكان العالم علي منع الخلافات من أن تتطور إلي نزاعات وأعمال عنف والعمل علي عدم تفاقم النزاعات القائمة والحيلولة دون نشوب نزاعات جديدة والعمل علي وجود حلول بديلة.
إنهن يردن تبادل المعارف حول الممارسات التقليدية من آجل تسوية النزاعات وبناء السلام.
وفضلا عن ذلك تتزايد هوة التفاوت بين الرجال والنساء وتؤدي هذه الأوضاع إلي إجبار النساء والفتيات علي الهجرة لأنهن في الغالب ضحايا جرائم العنف مثل الاغتصاب وخرق الحقوق البشرية وإهدار ا لكرامة .
فليس من قبيل الصدفة ان يمثل الأطفال والنساء أكثر من ثلاثة أرباع إلـ 40 مليون شخص المشردين عبر العالم بسبب النزاعات العنيفة.
من اجل ترسيخ ثقافة السلم في المجتمعات الإفريقية، يجب تثمين الدور التقليدي للمرأة في الوقاية من النزاعات وتسييرها إذا وقعت و إبراز دور هذه المرأة في المحافظة بين الأجيال علي الهوية الثقافية و التقاليد الإيجابية.
ولتسمحوا لي في الختام بأن أقول كلمة حول دور المرأة في التمازج البشري العربي الإفريقي عبر زواج العرب القادمين من الشرق الأوسط وشمال افريقية من إفريقيات احتفظن في الغالب بأسمائهن الأصلية ونتجت عن ذلك أجيال مختلطة وهكذا أسست النساء الروابط الأولي التي عززت العلاقات بين العالمين.
أحمد محمد أغ هماني
رئيس وزراء سابق
ضابط كبير من الدرجة الوطنية
Africa-Arab Cultural Institute